الفصل الأول : رحلة إلى السماء
القصــ(1)ــة ~ المليونيركان صاحبي رجلاً صالحاً , ربما قرأ الرقية الشرعية أحياناً على بعض المرضى , قال لي : رن جرس هاتفي يوماً , فإذا ان أحد كبار التجار يقول : ياشيخ , والدي مريض , ونرغب في مجيئكـ لزيارته و قراءة الرقية الشرعية عليه ..
ذهبت إلى هناك , فإذا قصر منيف تتفجر النعمة من جدرانه , قابلني أولاده رحبوا بي الترف ظاهر في وجوههم , سألتهم عن مرض أبيهم , فقال لي أحدهم : أبي كان مصاباً بتليف في الكبد واكتشفنا قبل أيام أن معه سرطان في الدم , وقد حدثنا الطبيب أن التقارير الطبية تشير إلى أنه لم يبق له في الدنيا إلا أيام معدودات , والعلم عند الله تعالى .
مضيت أمشي معهم عند أبيهم فلما كدنا أن ندلف إليه جذبني أحدهم وقال : ياشيخ عفواً نسينا أن نخبرك , أبونا لا يعلم حقيقة مرضه , فإنه لما سالنا عن نتيجة التحاليل خشينا أن يشتد حزنه , أو يزداد مرضه , فقلنا له إنه مصاب بالتهابات في البطن عن قريب تزول .
توكلت على الله , أدخلوني على أبيهم , فإذا غرفة فارهة فيها سرير عليه رجب قد جاوز الخمسين بقليل , تبدو عليه آثار النعمة , مريض لكن جسمه لايزال متماسكاً , صافحته برفق , ثم جلست عند رأسه , جلس أولاده حوله , فالتفت إليهم و أمرهم بالخروج , خرجوا وأغلقوا باب الغرفة , وبقيت أنا و هو , فخفض رأسه وظل ساكتاً قليلاً , ثم استعبر وبكى التفت إليَّ و دموعه تجري على خديه , وقال : آآآه ياشيخ , فقلت : مابالك ؟ قال : هذه الدنيا , التي أجمعها منذ ثلاثين سنة , حتى تشاغلت عن صلاتي , وقراءة القرءان , ومجالس الذكر , و كلما نصحني أحد و قال : يافلان , ألتفت لآخرتك , صلاة الجماعة , صيام النوافل , تربية أولادك , ختم القرءان ,قلت له :أنا سأجمع المال حتى يبلغ عمري الستين , فإذا بلغت الستين أعطيت لنفسي تقاعداً عن الأعمال , و أوكلتها لغيري , واشتغلت بقية عمري في انفاق ماجمعت , والعبادة , والآن , كما ترى , هجم علي ماترى من المرض , الذي يزداد سوءاً يوما بعد يوم , ثم اشتد بكاؤه فقلت : ابشر بالخير ستشفى بإذن الله , وتتعبد كما تريد , وحتى لو قضى الله عليك موتاً , فكلنا سنموت ومالك سينفعك بعد موتك، وأولادك لن ينسوك سيبنون لك المساجد،ويكفلون الأيتام، ويتصدقونعنك ويدعون لك.....و.....و.....
فصرخ بى قائلا: خلاص،كفى...وأخذ يبكى كالصغير، ويردد: أولادك يتصدقون عنك!!! يبنون مسجدا!!! أنت ما تعرف هؤلاء الانجاس، قلت: لم؟ قال: أولادى هؤلاء الذين يظهرون المحبة لى والشفقة على، كانوا البارحة مجتمعين عندى، فطال جلوسهم وأردتهم أن يخرجوا، فأظهرت لهم إنى نائم، وأغمضت عينى وبدأت بالشخير، فظنوا أننى نأئم فعلا، فلم تمض دقائق حتى بدأوا يتكلمون عن أموالى، وكم سينال كل منهم من ميراث!!! وكلهم جهال فى قسمة المواريث،فاختلفوا، واشتد نقاشهم، حتى اختصموا على عمارة لى فى موقع متميز، كل منهم يريدها من نصيبة ثم بكى الرجل حتى رحمتة.
خرجت من عنده وأنا أردد
( مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ )
[ الحاقة :28 -29 ]
فعلا أحب الناس إلية بعد موتة سيجتمعون فى دارة ليقتسموا أموالة، لاليقتسموا أعمالة.
يموت ويتبعة ثلاثة: أهلة، ومالة، وعملة، يرجع الأهل والمال، ليتمتع بها غيره، وهو الذى جمعها، ويبقى عملة، نعم يبقى عملة، فما العمل الذى سيبقى معة ويدخل معة قبرة؟ قيام الليل؟! صدقات؟! بناء مساجد؟! أم تساهل فى الدين، ومتابعة قنوات ، ومجالسة فجار؟! ولايظلم ربك أحدا
((مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)) {سورة الإسراء :15}
2 التعليقات:
الله المستعان :s
صدق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال أو كما قال:
واغتنم شبابك قبل هرمك =/
بوركتِ على الانتقاء يا حبيبة ()()
عليه أفضل لصلاة والتسليم
وفيك بارك الرحمن نورة :)
إرسال تعليق